أبريل 19, 2024

مقال: التَربية الرياضية وأثرها في التربية الخُلقيَة


بقلم : خليل العلي مدير المؤسسة الفلسطينية للشباب والرياضة في لبنان.

يتساءل كثير من المهتمين بالتربية ومبادئها عن العلاقة بينها وبين الرياضة،وهل هنالك نقاط مشتركة بينهما ؟ وهل هنالك تناغم في عملية بناء قواعد التربية والأخلاق؟ وهناك من يعتقد أنّ الرياضة تهتمّ بتربية الأجسام فقط، ومنهم من يعتقد أن التربية تولد مع الفرد ولا تتأثر باي عوامل مكتسبة، وهذا اعتقادٌ خاطئ، فالرياضة مفهومها أوسع وأشمل من ذلك، فهي تهدف أولاً إلى تنمية فكر الإنسان قبل أن تكون وسيلة لتنمية الفرد من الناحية البدنيّة، وهنالك تكامل واسع الطيف بين الرياضة والتربية الخلقية .

الرياضة والأخلاق والفرد:

الرياضة تساهم في رقي المجتمع وتحقيق التعاون بين أفراده وهي تساهم مساهمة كبيرة في تحسين الأخلاق عند الفرد وتنميته من الناحية النفسية والعقلية والبدنية ، وتحسن سلوكه العام مع مجتمعه وبيته ومدرسته وبيئته ،وهي فن من فنون التربية العامة في المجتمعات .

ولأن الإسلام اعتبر حسن الخلق من مبدائه وأهدافه لأنه صلة الوصل مع الناس ، بخلاف العقيدة التي مركزها القلب والعبادة التي هي صلة مع الله ،ولأن الناس تقيَم الدين وصلاحه من خلال سلوك الفرد وخلقه .ومن أجل ذلك كان للرياضة نصيب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقد أمر بها (ارموا بني اسماعيل وأنا معكم رام ) وكان يحث الصبيان على ممارستها وكانوا يصطفون للسباق ويضمهم عند وصولهم اليه ، والإسلام اعتبر حسن الخلق عبادة بذاتها (أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً) وهذا دليل أهميتها .

وتعتبر الرياضة عنصراً فاعلاً في عملية بناء روح المنافسة الإجتماعية الإيجابية ،وهي تشجع على تعاون الفرد مع مجتمعه من خلال وجوده مع الفريق والمجموعة ،ولأنها تساهم في بناء الشخصية الفردية التي تهذب النفس وتعمل على قيادتها نحو الخير، وتساهم الرياضة في اكتساب الفرد بعض القيم والمفاهيم والإتجاهات التربوية ، وتجعل منه فرداً قوياً في عمله ،وفي عملية الإنتاج الذي يحتاج الى قوة ،وتعتبر القوة ركيزة هامة في محور الشخصية والسلوك ، ولا تكون القوة الا من خلال ممارسة النشاط الرياضي .

ومن ميزات الأخلاق الحميدة الصبر والعفو والبسمة والتحكم بالذات وسعة الصدر، وهذه ميزات تغذي سبلها ممارسة الرياضة حيث يتم خلالها تفريغ الطاقات وتغيير النمط اليومي والروتين المسبب للقهر والملل والكآبة ،وهي تساهم في افراز الهورمات المنشطة بأشكالها الكثيرة ، فالرياضة تعزز الجانب النفسي والمعرفي عند الأفراد ،وإذا ما كان ذلك يكون الفرد قادراً على التحكم بذاته وابراز خلقه الحسن والسلوك اللائق في تعامله مع الناس .

الرياضة ومفهوم القيم الأخلاقية :

وكل ما ذكرناه عن الفوائد الرياضية للفرد هي عوامل هامة في صناعة مفهوم القيم الأخلاقية والتي يصدر الفرد من خلالها الأحكام الخلقية التي تتوافق مع مبادئه وضميره ولهذه المفاهيم أثر في بناء النفس والأسرة والعقيدة ،وهناك علاقة وطيدة بين التربية الأخلاقية والدين والرياضة وهي عوامل تنافسية في صناعة الإنسان والفرد الخلوق القادر أن يؤثر على من حوله بخلقه وسلوكه ومبادئه , وهذه المبادئ التي نذكرها هي التي تميزه وتصنفه في مجتمعه وبين الناس .